( طرق شيخ الخفر الباب ،
جاءه صوت العمدة من الداخل )
ـ أدخل .
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ادخل يا شيخ الغفر تعالى ، هيه ، عملتوا إيه ؟
ـ كله تمام يا حضرة العمدة .
ـ يعني إيه كله تمام ؟ فين التقارير و الإحصاءات بتاعتك ؟
ـ ههههههه ، تقارير إيه يا عمدة ؟ قال عد غنمك يا جحا ....
ـ ها تفضل طول عمرك بلاصي ، شوف بقى أما أقولك ، تلات ساعات ما فيش غيرهم ، و إذا ما غطست و قبيت و لقيتك حاطط قدامي تقرير مفصل ، قول على نفسك يا رحمن يا رحيم .
ـ لا و على إيه ، سلام عليكم .
( خرج شيخ الخفر مسرعا ،
ما هي إلا دقائق حتى عاد ثانية و في يده ورقة واحدة )
ـ اتفضل يا حضرة العمدة .
ـ إيه ده يا روح ست أبوها ؟
ـ التقرير .
ـ ورقة ؟ بقى هازز طولك و ركبت الحمار و رايح فين يا شيخ الخفر ؟ رايح أجيب التقرير ، و راجع ليه يا شيخ الخفر ؟ أصلي كنت بجيب التقرير ، و آخرة المتمة ألاقي التقارير ورقة يتيمة ؟
ـ ما هي الورقة دي فيها كل حاجة يا عمدة ، بالتفصيل ، و بعدين دي غرقانة كتابة وش و ضهر .
( وضع العمدة نظارته و أخذ يقرأ ، باغته شيخ الخفر )
ـ أموت و أعرف لزمتها إيه المصاريف دي كلها يا حضرة العمدة ؟
ما يموتوا و الا يغوروا فيستين داهية ....
( نظر إليه العمدة حانقا )
ـ و أنا أموت و أعرف أقرا اللي انته كاتبه ده إزاي ؟ نبش فراخ ده يا شيخ الخفر و إلا إيه بالظبط ؟ ميت مرة أقولك حسن خطك ، حسن خطك ، يعني أخنقك و أخلص البلد من خطك ...
( أمسك العمدة شيخ الخفر من رقبته ، صرخ شيخ الخفر يحاول الخلاص)
ـ خلاص يا جناب العمدة أنا في عرضك ، مش كاتب أيتها حاجة تاني ...
( أفلت من يديه ، عندها قذفه العمدة بالورقة )
ـ طيب عقابا ليك لازم انته بقى اللي تقراها ...
ـ حاضر يا جناب العمدة حاضر ، أنا اللي استاهل ...
( بدأ شيخ الخفر في القراءة )
ـ نمرة واحد ، حسان أبو شوشة ، و مراته زينب و ابنه خالد و بناته سوسن و تفيدة ، توب قماش ، شوال رز ، شوال دقيق ، شوال بطاطس ، صفيحة زيت ،
نمرة اتنين ، محمود أبو اسماعين و أخوه عوض ، عشرة متر قماش ، نص رز ، نص دقيق ، نص بطاطس ، عشر قزايز زيت ....
ـ عملت إيه مع الواد أبو الروس جوز البت جميلة أم المتولي ؟
ـ بس ده يا عمده مش من بلدنا ، ده من كفر أبو حطب .....
ـ و لو يا بقف ، طالما متجوز من بلدنا و قاعد فيها يبقى زيه زينا ، و إلا يعني أبو الروس مش بنى آدم بياكل و يشرب زينا ؟ و إلا هو ما لوش كرش و انته بكرشين ؟
ـ أيوه بس أموت و أعرف إيه لزمته ده كله ؟ ما يطفحوا و إلا عن أبوهم ما طفحوا ، ليه المصاريف دي كلها ؟ هو انته خلفتهم و نسيتهم ؟
ـ ما فيش فايدة ، الله يرحمه قال ما فيش فايدة ،
أفهمك يا طربش ،
القط اللي كانت أمك ست أبوها مربياه في بيتكم فاكره ؟
ـ قطع و قطعت سيرته ، ده أنا نزلت عليه دب بالفاس لحد ما فطسته ...
ـ ليه ؟
ـ مش لاقيناه واكل الكتاكيت ..
ـ طيب ما عرفتوش هو كلهم ليه ؟
ـ عشان كان جعان .
ـ الله ينور عليك ، طيب لو انته مأكله و شبعان أول باول ؟ كان ممكن يعملها ؟
ـ لأ طبعا ، ما هو كان طول عمره عايش معانا من أيام أبويا الله يرحمه ، و لا عمره قل بأصله .....
ـ أيوه ، لأن أبوك كان مراعيه مأكله و مشربه و مهنيه ، لكن ست أبوها كانت مصدرة له الطرشة ......
ـ و هو ربنا بينسى حد يا جناب العمدة ، ده ربك ها يرزقه لو في بطن الجبل .
ـ أهو انته عملت زي اللي واقف على القضيب و شايف القطر هاجم عليه و مش عاوز يتحرك و بيقول لو ربنا عايز القطر يفرمني ها يفرمني ، أمال ربنا خلق لنا عقل ليه ؟ و ليه خلى الإنسان خليفته في الأرض ؟
ـ طيب و إيه دخل القط في العاطلين اللي عندنا في البلد يا عمده ؟
ـ الناس دول قاعدين لا شغله و لا مشغلة ، عطلانة يعني ، أو زي ما بيقولوا في الجرايد ( بطالة ) ، لا عندهم أرض يأجروها أو يزرعوها ، فيهم اللي مريض أو تعبان أو مش لاقي شغل ، يعني ناس جعانة بصريح العبارة كده ، لا هدمة تسترهم و تستر عيالهم و لا لقمة تسكت كلاب الجوع السعرانة اللي بتقطع في معدتهم ...
( يشير شيخ الخفر بسبابته إلى رأسه )
ـ عشان كده بتأكلهم و تشبعهم قبل ما ندخل عليهم في يوم نلاقيهم كلوا الكتاكيت زي القط بتاعنا ، صح يا حضرة العمدة ؟
ـ تسلم دماغ اللي نفضك ، دي إيه النباهة دي كلتها ؟
ـ أيوة بس برضك دي مصاريف كتيرة قوي يا عمدة ...
ـ كام يعني ؟
ـ لو عملناها مرتين ، يعني ممكن يكلفوك حوالي خمس ست الاف في السنة .
ـ عليك نور ،
طيب و لو سبناهم هايجين زي مقاطيع كفر أبو حطب ؟
احسب كده بقى مصاريف حادثة واحدة من اللي عملوها هناك ...
ـ دول لما سرقوا دوار عمدتهم بس ، خدوا عشر جمايس على الأقل بمتين ألف .....
ـ و حصان و حمارين ، ده غير دهب مرات العمدة ، و غير العربية اللي اتقلبت في الترعة و همه بيطاردوهم ، و السين و الجيم و التحقيقات و الاقلام و الورق و الملفات ، و مدير الأمن و المأمور و وكلاء النيابة و الظباط و العساكر و الشهود و عطلة الناس .....
ده كله كوم و التلات غفر اللي ماتوا لما ضربوا عليهم نار كوم تاني ،
و نسوانهم اللي بقوا أرامل و العيال اللي اتيتمت ،
شوف انته بقى الناس الي ماتوا دول ، الواحد فيهم يسوى كام ؟
ـ لو قلنا الغفير الواحد بألف ( ينظر للسقف ) يبقى التلاتة بتلات الاف .
ـ هو إيه اللي بألف ؟
( احمر وجه العمدة حتى كاد الدم أن يتفجر من خديه )
ـ مالك يا حضرة العمدة ؟
ـ هو إيه اللي بألف يا شيخ الغفر ؟؟؟؟
ـ الغفير ، الواحد بألف .......
( أخذ الشرر يتطاير من عين العمدة ، أخذ يبحث حوله ، لم يجد ضالته ، عندها انحنى يخلع حذائه ، أمسكه بسرعة بين يديه ، أطلقه ناحية وجه شيخ الخفر ، و أخذ يصيح )
ـ مافيش فايدة ، مافيش فايدة ...
( انتفض من مكانه ، هجم على رأس شيخ الخفر ينزع شعر رأسه ، شعرة شعره ، يردد )
ـ فيه فايدة ، ما فيش فايدة ، فيه فايدة ، ما فيش ....
( أخذ شيخ الخفر يصرخ من شدة الألم )
ـ خليهم ألفين ، خليهم ألفين ....
( حاول جاهدا الفرار ، أخيرا ينجح ، يخرج مسرعا ، يجري بشوارع القرية ، يصرخ )
ـ خليهم ألفين ، خليهم ألفيــــــن ، خليهم ألفيــــــــــــن ...
جاءه صوت العمدة من الداخل )
ـ أدخل .
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ادخل يا شيخ الغفر تعالى ، هيه ، عملتوا إيه ؟
ـ كله تمام يا حضرة العمدة .
ـ يعني إيه كله تمام ؟ فين التقارير و الإحصاءات بتاعتك ؟
ـ ههههههه ، تقارير إيه يا عمدة ؟ قال عد غنمك يا جحا ....
ـ ها تفضل طول عمرك بلاصي ، شوف بقى أما أقولك ، تلات ساعات ما فيش غيرهم ، و إذا ما غطست و قبيت و لقيتك حاطط قدامي تقرير مفصل ، قول على نفسك يا رحمن يا رحيم .
ـ لا و على إيه ، سلام عليكم .
( خرج شيخ الخفر مسرعا ،
ما هي إلا دقائق حتى عاد ثانية و في يده ورقة واحدة )
ـ اتفضل يا حضرة العمدة .
ـ إيه ده يا روح ست أبوها ؟
ـ التقرير .
ـ ورقة ؟ بقى هازز طولك و ركبت الحمار و رايح فين يا شيخ الخفر ؟ رايح أجيب التقرير ، و راجع ليه يا شيخ الخفر ؟ أصلي كنت بجيب التقرير ، و آخرة المتمة ألاقي التقارير ورقة يتيمة ؟
ـ ما هي الورقة دي فيها كل حاجة يا عمدة ، بالتفصيل ، و بعدين دي غرقانة كتابة وش و ضهر .
( وضع العمدة نظارته و أخذ يقرأ ، باغته شيخ الخفر )
ـ أموت و أعرف لزمتها إيه المصاريف دي كلها يا حضرة العمدة ؟
ما يموتوا و الا يغوروا فيستين داهية ....
( نظر إليه العمدة حانقا )
ـ و أنا أموت و أعرف أقرا اللي انته كاتبه ده إزاي ؟ نبش فراخ ده يا شيخ الخفر و إلا إيه بالظبط ؟ ميت مرة أقولك حسن خطك ، حسن خطك ، يعني أخنقك و أخلص البلد من خطك ...
( أمسك العمدة شيخ الخفر من رقبته ، صرخ شيخ الخفر يحاول الخلاص)
ـ خلاص يا جناب العمدة أنا في عرضك ، مش كاتب أيتها حاجة تاني ...
( أفلت من يديه ، عندها قذفه العمدة بالورقة )
ـ طيب عقابا ليك لازم انته بقى اللي تقراها ...
ـ حاضر يا جناب العمدة حاضر ، أنا اللي استاهل ...
( بدأ شيخ الخفر في القراءة )
ـ نمرة واحد ، حسان أبو شوشة ، و مراته زينب و ابنه خالد و بناته سوسن و تفيدة ، توب قماش ، شوال رز ، شوال دقيق ، شوال بطاطس ، صفيحة زيت ،
نمرة اتنين ، محمود أبو اسماعين و أخوه عوض ، عشرة متر قماش ، نص رز ، نص دقيق ، نص بطاطس ، عشر قزايز زيت ....
ـ عملت إيه مع الواد أبو الروس جوز البت جميلة أم المتولي ؟
ـ بس ده يا عمده مش من بلدنا ، ده من كفر أبو حطب .....
ـ و لو يا بقف ، طالما متجوز من بلدنا و قاعد فيها يبقى زيه زينا ، و إلا يعني أبو الروس مش بنى آدم بياكل و يشرب زينا ؟ و إلا هو ما لوش كرش و انته بكرشين ؟
ـ أيوه بس أموت و أعرف إيه لزمته ده كله ؟ ما يطفحوا و إلا عن أبوهم ما طفحوا ، ليه المصاريف دي كلها ؟ هو انته خلفتهم و نسيتهم ؟
ـ ما فيش فايدة ، الله يرحمه قال ما فيش فايدة ،
أفهمك يا طربش ،
القط اللي كانت أمك ست أبوها مربياه في بيتكم فاكره ؟
ـ قطع و قطعت سيرته ، ده أنا نزلت عليه دب بالفاس لحد ما فطسته ...
ـ ليه ؟
ـ مش لاقيناه واكل الكتاكيت ..
ـ طيب ما عرفتوش هو كلهم ليه ؟
ـ عشان كان جعان .
ـ الله ينور عليك ، طيب لو انته مأكله و شبعان أول باول ؟ كان ممكن يعملها ؟
ـ لأ طبعا ، ما هو كان طول عمره عايش معانا من أيام أبويا الله يرحمه ، و لا عمره قل بأصله .....
ـ أيوه ، لأن أبوك كان مراعيه مأكله و مشربه و مهنيه ، لكن ست أبوها كانت مصدرة له الطرشة ......
ـ و هو ربنا بينسى حد يا جناب العمدة ، ده ربك ها يرزقه لو في بطن الجبل .
ـ أهو انته عملت زي اللي واقف على القضيب و شايف القطر هاجم عليه و مش عاوز يتحرك و بيقول لو ربنا عايز القطر يفرمني ها يفرمني ، أمال ربنا خلق لنا عقل ليه ؟ و ليه خلى الإنسان خليفته في الأرض ؟
ـ طيب و إيه دخل القط في العاطلين اللي عندنا في البلد يا عمده ؟
ـ الناس دول قاعدين لا شغله و لا مشغلة ، عطلانة يعني ، أو زي ما بيقولوا في الجرايد ( بطالة ) ، لا عندهم أرض يأجروها أو يزرعوها ، فيهم اللي مريض أو تعبان أو مش لاقي شغل ، يعني ناس جعانة بصريح العبارة كده ، لا هدمة تسترهم و تستر عيالهم و لا لقمة تسكت كلاب الجوع السعرانة اللي بتقطع في معدتهم ...
( يشير شيخ الخفر بسبابته إلى رأسه )
ـ عشان كده بتأكلهم و تشبعهم قبل ما ندخل عليهم في يوم نلاقيهم كلوا الكتاكيت زي القط بتاعنا ، صح يا حضرة العمدة ؟
ـ تسلم دماغ اللي نفضك ، دي إيه النباهة دي كلتها ؟
ـ أيوة بس برضك دي مصاريف كتيرة قوي يا عمدة ...
ـ كام يعني ؟
ـ لو عملناها مرتين ، يعني ممكن يكلفوك حوالي خمس ست الاف في السنة .
ـ عليك نور ،
طيب و لو سبناهم هايجين زي مقاطيع كفر أبو حطب ؟
احسب كده بقى مصاريف حادثة واحدة من اللي عملوها هناك ...
ـ دول لما سرقوا دوار عمدتهم بس ، خدوا عشر جمايس على الأقل بمتين ألف .....
ـ و حصان و حمارين ، ده غير دهب مرات العمدة ، و غير العربية اللي اتقلبت في الترعة و همه بيطاردوهم ، و السين و الجيم و التحقيقات و الاقلام و الورق و الملفات ، و مدير الأمن و المأمور و وكلاء النيابة و الظباط و العساكر و الشهود و عطلة الناس .....
ده كله كوم و التلات غفر اللي ماتوا لما ضربوا عليهم نار كوم تاني ،
و نسوانهم اللي بقوا أرامل و العيال اللي اتيتمت ،
شوف انته بقى الناس الي ماتوا دول ، الواحد فيهم يسوى كام ؟
ـ لو قلنا الغفير الواحد بألف ( ينظر للسقف ) يبقى التلاتة بتلات الاف .
ـ هو إيه اللي بألف ؟
( احمر وجه العمدة حتى كاد الدم أن يتفجر من خديه )
ـ مالك يا حضرة العمدة ؟
ـ هو إيه اللي بألف يا شيخ الغفر ؟؟؟؟
ـ الغفير ، الواحد بألف .......
( أخذ الشرر يتطاير من عين العمدة ، أخذ يبحث حوله ، لم يجد ضالته ، عندها انحنى يخلع حذائه ، أمسكه بسرعة بين يديه ، أطلقه ناحية وجه شيخ الخفر ، و أخذ يصيح )
ـ مافيش فايدة ، مافيش فايدة ...
( انتفض من مكانه ، هجم على رأس شيخ الخفر ينزع شعر رأسه ، شعرة شعره ، يردد )
ـ فيه فايدة ، ما فيش فايدة ، فيه فايدة ، ما فيش ....
( أخذ شيخ الخفر يصرخ من شدة الألم )
ـ خليهم ألفين ، خليهم ألفين ....
( حاول جاهدا الفرار ، أخيرا ينجح ، يخرج مسرعا ، يجري بشوارع القرية ، يصرخ )
ـ خليهم ألفين ، خليهم ألفيــــــن ، خليهم ألفيــــــــــــن ...